تجري مفاوضات في الوقت الحالي لإنقاذ مشروع نووي جديد، تبلغ قيمة استثماراته نحو 22 مليار دولار، من التعثر، وذلك مع مواجهة المشروع اعتراضًا دوليًا، قد يؤدي إلى توقُّفه.
وبحسب تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن شركة كوريا للطاقة الكهرومائية والنووية “كي إتش إن بي” (KHNP) كانت قد اختيرَت بصفتها مقدمة العرض الأفضل لمشروع الطاقة النووية في التشيك.
إلّا أن أهم مشروع نووي بالنسبة لدولة التشيك يواجه شبح الانهيار، بعدما اعترضت الولايات المتحدة عليه، إذ تعرقل شركة “وستنغهاوس” الأميركية التقدم في المشروع، بزعم أن تصميم المفاعل الكوري ينتهك تقنياتها الخاصة.
وتحركت على الفور الرئاسة الكورية الجنوبية لإجراء مناقشات مع الجانب الأميركي، لحل النزاع حول أحدث مشروع نووي تعمل فيه الدولة الآسيوية، إذ قال مسؤول في الرئاسة الكورية، إن المحادثات مستمرة عبر قنوات متعددة، للوصول إلى حل للخلاف.
الطاقة النووية في التشيك
تعثرت المفاوضات بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة بشأن أحدث مشروع نووي أوروبي، إذ إن المبادئ التوجيهية لمجموعة مورّدي المواد النووية -التي وُضعت في عام 1978- تلزم كوريا الجنوبية بالحصول على موافقة الشركة الأميركية لتصدير المفاعلات النووية.
وسبق للجانبين التعاون في صفقة محطات براكة النووية الإماراتية عام 2009، إلّا أن شركة “وستنغهاوس” الأميركية تثير حاليًا مخاوف فيما يتعلق بالمشروع التشيكي، وترفض منح الشركة الكورية الموافقة، في حين ترفض وزارة الطاقة الأميركية التدخل في الأمر، وفق ما نشرته صحيفة “ذا تشصوين دايلي” الكورية.
وكان وفد من الحكومة الكورية الجنوبية قد زار الولايات المتحدة في وقت سابق من شهر أغسطس/آب الجاري 2024، والتقى وفدًا من كبار مسؤولي وزارة الطاقة الأميركية وشركة وستنغهاوس، إلّا أن هذه المفاوضات لم تحقق تقدمًا كبيرًا.
يشار إلى أن شركة كوريا للطاقة الكهرومائية والنووية، في حالة فشلها في التوصل إلى حل مع الشركة الأميركية قبل حلول الموعد النهائي للعقد في شهر مارس/آذار 2025، فقد يواجه أكبر مشروع نووي بالنسبة للدولة انتكاسة خطيرة.
أمّا في حالة إتمام الصفقة، فستكون هذه هي المرة الأولى التي تفوز فيها كوريا الجنوبية بمشروع نووي خارج البلاد، خلال 15 عامًا، وذلك منذ فوزها بعقد مشروع محطات براكه النوويه في الإمارات عام 2009، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وسبق أن حرّكت شركة وستنغهاوس الأميركية دعوى قضائية في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2022، اتهمت فيها الشركة الكورية الجنوبية بانتهاك تقنيات الخاصة، وهو ما يلزمها بالحصول على موافقة الحكومة الأميركية لتصدير المفاعلات.
وفي شهر سبتمبر/أيلول 2023، رفضت المحكمة الجزئية الأميركية لمقاطعة كولومبيا القضية، وحكمت بأن سلطة مراقبة الصادرات تقع على عاتق الحكومة الأميركية وحدها، ومن ثم فإن “وستنغهاوس” لا تملك الحق في تحريك الدعوى القضائية، إلّا أن الشركة استأنفت ضد القرار في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
مشروع نووي عملاق في التشيك
أعلنت دولة التشيك عزمها بناء مشروع نووي جديد، باستثمارات تصل إلى نحو 22 مليار دولار، وهو ما يتواءم مع إستراتيجيتها الهادفة إلى التخلص التدريجي من الفحم، وإنتاج الكهرباء من الطاقة النظيفة، بهدف خفض انبعاثات قطاع الطاقة لديها.
وفي يوليو/تموز 2024، أعلنت السلطات التشيكية فوز شركة كوريا للطاقة الكهرومائية والنووية بعقد تنفيذ أحدث مشروع نووي بقيمة 30 تريليون وون (22 مليار دولار)، الذي يمثّل مرحلة جديدة للشركة فيما يخص تصدير معدات الطاقة النووية الكورية، بحسب بيان اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، حينها.
ويمهد أكبر مشروع نووي في التشيك للتخلص من الفحم في مزيج توليد الكهرباء، وإحلال الطاقه النوويه بدلًا منه، لا سيما أن الدولة تعتمد على الفحم لتوليد ما يصل إلى 45% من إجمالي الطاقة لديها.
وكانت الشركة الكورية الجنوبية قد فازت بعقد أحدث مشروع نووي في أوروبا، وذلك بعد منافسة شرسة خاضتها ضد شركة كهرباء فرنسا “إي دي إف” (EDF)، إذ اختارتها الحكومة التشيكية بفضل التكنولوجيا المتقدمة التي تتبنّاها كوريا الجنوبية، ما يضمن تقديم أقل سعر وأعلى جودة.
ومن المقرر، وفق خطط شركة كوريا للطاقة الكهرومائية والنووية، إتمام العقد بحلول شهر مارس/آذار المقبل 2025، بينما ستبدأ أعمال البناء في عام 2029، وذلك لبدء الإنتاج من أحدث مشروع نووي تشيكي في عام 2036، إلّا أن الخلاف مع الشركة الأميركية حاليًا يعرقل هذه الخططه.