تسهم الطاقة النووية في إنتاج الهيدروجين النظيف، بجانب دورها المهم في توليد الكهرباء وتحلية المياه، وإن كانت هذه التقنية ما تزال في طور التطوير، لتحقيق الجدوى الاقتصادية المطلوبة.
ويحاول العلماء رفع ربح التقنيات النووية من خلال دمج المحطات مع أجهزة التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين وأنظمة خلايا الوقود.
وفي هذا الإطار، عُقدت ندوة -عبر تقنية التواصل المرئي- حضرتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، بعنوان: “دور الطاقة النووية في إنتاج طاقة نظيفة”.
جاءت الندوة في إطار فعاليات المبادرة العربية للتعريف بالهيدروجين الأخضر والمشروعات الخضراء 2024، التي تسلّط الضوء على التطورات الحالية واستشراف المستقبل بقطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر والمنطقة العربية، من خلال تنظيم سلسلة من المحاضرات والمشروعات.
إنتاج الهيدروجين من الطاقة النووية
أكد خبير الطاقة النووية وكبير مفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالأمم المتحدة سابقًا، الدكتور يسري أبو شادي، أن التطبيقات السلمية للطاقة النووية تشهد انتشارًا كبيرًا في الوقت الحالي، وسط توقعات بزيادة مستقبلية هائلة.
وسلّط الضوء على أن عدد مفاعلات الطاقة النووية العاملة -الآن- قد وصل إلى 440 مفاعلًا في 33 دولة (أحدثها الإمارات وبيلاروسيا)، بجانب 60 مفاعلًا تحت الإنشاء في 16 دولة، منها مصر وتركيا وبنغلاديش.
وأوضح أن الطاقة النووية تشارك -حاليًا- بنحو 10% من إجمالي الطاقة الكهربائية المُنتجة في العالم، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وأشار أبو شادي إلى أن دور المفاعلات النووية لا يقتصر على توليد الكهرباء فقط، بل يؤدي وظائف أخرى، من بينها تحلية المياه، وإنتاج البخار والمياه الساخنة في تطبيقات الصناعة والتدفئة.
كما يشمل دور الطاقة النووية استعمال النظائر المشعّة في العلاج والصناعة والزراعة، وإنتاج الهيدروجين الوردي.
بالإضافة إلى استعمال المفاعلات النووية الصغيرة (ذات طاقة من 15-100 ميغاواط) لإعمار المناطق النائية وتزويدها بالكهرباء.
الجدوى الاقتصادية
عقد الدكتور يسري أبو شادي مقارنة بين الكهرباء المولدة من المفاعلات النووية ونظيرتها من مصادر الطاقة الأخرى، من حيث الجدوى الاقتصادية.
وأوضح أنه على الرغم من أن التكلفة الإنشائية للمفاعل النووي لتوليد الكهرباء تعادل نحو 6 مرات لمحطات الكهرباء العاملة بالنفط والغاز الطبيعي التي لها القدرة الكهربائية نفسها، فإن تكلفة الوقود الأحفوري المُستعمَلة يوميًا تعادل 50 مرة من تكلفة الوقود النووي (اليورانيوم منخفض التخصيب).
ولفت إلى أن الوقود النووي يظل في المفاعل نحو 4 أعوام كاملة، ولا يحتاج إلى الإمداد اليومي مثل الوقود الأحفوري، كما أن المفاعلات النووية تعمل بالقدرة القصوى على مدى 24 ساعة يوميًا خلال العام، مع مدة إيقاف من 2-3 أسابيع لتغيير ربع وقود المفاعل.
كما سلّط الضوء على أن عمر المفاعل النووي قد يتخطى 60 عامًا دون تغييرات أساسية، مشيرًا إلى أن تكلفة الكهرباء من المفاعلات النووية على المدى الطويل هي الأرخص.
وأكد أنه يمكن للمفاعل الواحد البالغة تكلفته الأساسية -حاليًا- نحو 6 مليارات دولار، أن يستردّ تكاليفه من بيع الكهرباء في 6 أعوام.
خفض الانبعاثات الكربونية
أوضح خبير الطاقة المصري أن التفاعلات النووية تمتاز بأنه لا تصدر عنها أيّ انبعاثات كربونية مؤثّرة في البيئة.
ولفت إلى أنه على الرغم من وجود مواد عالية الإشعاع، تتبقى داخل قضبان الوقود النووي، فإن نسبة ضعيفة جدًا من الغازات تتسرب من مدخنة المفاعل، ويجري التعامل معها بطرق عديدة للحفاظ على البيئة.
وأضاف أن تطور تصميم وبناء وتشغيل المفاعلات النووية في العقود الأخيرة والوصول لأجيال حديثة قد جعلت هذه العملية أكثر أمانًا حتى في حالة تعرُّض المفاعل لحادثة، سواء مفاعلات الجيل الثالث المتطور (مثل مفاعلات الضبعة في مصر) أو مفاعلات الجيل الرابع في المستقبل القريب.
أمّا مصادر الطاقة الأحفورية، فهي مكونات كربونية، ويؤدي احتراقها لتفاعلات كيميائية مع الأكسجين ينتج عنها انبعاثات كربونية ضارة بالبيئة والإنسان، وفق التصريحات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأشار أبو شادي إلى أن الطاقة النووية تشارك -حاليًا- بنحو ثلث الطاقة النظيفة في العالم، وتوقّع استمرار هذه النسبة في المستقبل بسبب وجود عشرات المحطات النووية تحت البناء أو التخطيط في العديد من دول العالم.
تكلفة الإنتاج
قال خبير الطاقة النووية، إن تكلفة إنتاج 1 كيلوغرام من الهيدروجين الرمادي تتراوح -حاليًا- ما بين 1-2 دولارًا، وبين 2-3 دولارات للهيدروجين الأزرق، وبين 4-8 دولارات للهيدروجين الأخضر، متوقعًا انخفاض سعر الأخير إلى ما بين 2-4 دولارات خلال أعوام قليلة.
وأضاف أن الإنتاج الحالي في العالم يصل إلى 100 مليون طن، أغلبه من الهيدروجين الرمادي والأزرق، متوقعًا أن يصل الإنتاج إلى 750 مليون طن بحلول عام 2050، أغلبه بالتحليل الكهربائي.
وأبرز استعمالات الهيدروجين الأخضر في تخزين الطاقة ووسائل النقل والتدفئة وإنتاج الأمونيا الخضراء وتوليد الكهرباء.
إنتاج الهيدروجين الوردي
أوضح أبو شادي أن الكهرباء من المحطات النووية تُستعمَل حاليًا لإنتاج نحو 5.% من الهيدروجين بطريقة التحليل الكهربائي، مما يؤدي إلى خفض نحو 6 ملايين طن من الانبعاثات الكربونية سنويًا.
وسلّط الضوء على وجود طريقة أخرى مستقبلية لإنتاج الهيدروجين من نوع من المفاعلات النووية، تسمى مفاعلات درجة الحرارة العالية (HTR).
وقال، إنه يمكن استعمال بخار الماء مرتفع الحرارة المولد (وقبل مروره على توربين إنتاج الكهرباء) في توليد الهيدروجين بطرق اختزال كيماوي، وهي طرق مرتفعة الكفاءة.
ولفت إلى أن هذا النوع من المفاعلات الحديثة ما يزال قيد التطوير، ولا سيما في اليابان والصين.
موضوعات متعلقة..
- التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين ينقذ محطات الطاقة النووية
- خريطة قدرة إنتاج الهيدروجين النظيف.. الشرق الأوسط الثالث عالميًا (تقرير)
- اليابان تلجأ إلى الطاقة النووية في إنتاج الهيدروجين
اقرأ أيضًا..