وقعت أكبر شركة سيارات في العالم ضحية الحرب الأميركية الصينية على صناعات الطاقة النظيفة، خاصة المعادن والرقائق وما يترتب عليهما من صناعات.
وحذّرت شركة تويوتا موتور -صاحبة أعلى مبيعات عالمية العام الماضي 2023- من استسلام اليابان للضغوط الأميركية، ما يهدد واردات طوكيو من المعادن الصينية المهمة.
ووفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) من تفاصيل للصراع، تبذل أميركا جهودًا لتقييد قدرة الشركات الصينية على الوصول لمعدّات تصنيع الرقائق، التي تشتهر بها اليابان.
وسبق أن تضررت “تويوتا” بتوقّف واردات المعادن النادرة من الصين عام 2010، في ضربة هزّت أركان قطاع الإلكترونيات بالكامل آنذاك.
تويوتا تحذّر
دخلت أكبر شركة سيارات في العالم طرفًا في الصراع الأميركي الصيني على سوق المعادن، بعدما حذّرت الشركة مسؤولين يابانيين من تعرُّض الصناعة في البلاد لأضرار ضمن نطاق هذا الصراع.
وجاء ذلك بعد ممارسة أميركا ضغوطًا على طوكيو، لتحجيم مبيعات معدات تصنيع الرقائق للشركات الصينية، ما دفع بكين للتلويح بردّ قوي على اليابان يتضمن إجراءات اقتصادية حال استجابتها لهذه الضغوط.
ويبدو أن اليابان بدأت الاستجابة للمطالبات الأميركية، إذ فرضت قيودًا على تصدير 23 نوعًا من المعدّات اللازمة لتصنيع أشباه الموصلات، خلال شهر يوليو/تموز الماضي.
ودفعت هذه المستجدات أكبر شركة سيارات في العالم لمحاولة حماية وارداتها من المعادن الصينية اللازمة لإنتاج السيارات، وفق ما نقلته بلومبرغ.
وتشارك تويوتا في الاستثمار الياباني لإنشاء مجمع رقائق في مدينة كوماموتو، ما يشير إلى دورها بالغ الأهمية للمشاركة في سياسيات الصناعة بالدولة الآسيوية.
وتخشى أكبر شركة سيارات في العالم تكرار تداعيات الصدام مع بكين في مياه بحر الصين الشرقي، قبل 14 عامًا، والتي ترتَّب عليها قطع إمدادات المعادن النادرة عن طوكيو.
ومنذ ذلك الحين، تركّز اليابان على تقليص اعتمادها على المعادن الصينية.
تهديد صيني
تشنّ الصين حربًا ضد محاولات تعطيل الإنتاج وسلاسل التوريد العالمية، وأبدت رفضها “حصار” تقنياتها وفرض صبغة سياسية على التعاون الاقتصادي والتجاري، حسب تصريحات صادرة عن وزارة الخارجية.
واعترضت وزارة الخارجية على المحاولات الأميركية لحشد دول -ومن بينها اليابان- لفرض حصار تقني ضد بكين.
وتعتزم أكبر الاقتصادات الآسيوية مواجهة الخطوات اليابانية بإجراءات حاسمة، ويبدو أن حرب السيارات التي تنشب بين الحين والآخر، بين الصين وأميركا، والصين وأوروبا، سيطال طوكيو جزء منها، بعد دراسة الأخيرة تقييد صادرات معدّات تصنيع الرقائق وأشباه الموصلات.
وأبلغ مسؤولون صينيون الجانب الياباني بهذه الرؤية، ما دفع شركة تويوتا إلى التحذير من مغبّة تطور الأمر، إلى حدّ منع المعادن اللازمة لتصنيع السيارات عن أكبر شركة سيارات في العالم.
ولن تتأثر تويوتا وحدها بالقرار الياباني المرتقب حول قيود تصدير معدّات تصنيع الرقائق إلى الصين، أو بردّ بكين على هذا القرار، بل سينعكس على المصنّعين المحليين أيضًا مثل شركة “طوكيو إلكترون” المعنية بتصنيع معدّات أشباه الموصلات.
تدخُّل أميركي
يشكّل التطور الصيني في صناعة المعادن والرقائق وأشباه الموصلات مصدر قلق لأميركا، التي تسعى جاهدة لتقييد نفوذ بكين في هذا الشأن، وتقليص هيمنتها على الصناعة.
وتسعى أميركا لجذب اليابان إلى معسكرها ضد صناعة الرقائق الصينية، عبر التأسيس لإستراتيجية تضمن توافر المعادن الضرورية دون الاضطرار لقيود بكين.
وأثارت محاولات التدخل الأميركي حفيظة بعضهم لدى طوكيو، إذ رفضوا انخراط بلادهم في أيّ صراع جيوسياسي بين واشنطن وبكين.
وانقسم محللون إلى فريقين، الأول: هاجم التوافق الياباني الأولي مع إستراتيجية واشنطن، محذرًا من أيّ قيود على صادرات معدّات تصنيع الرقائق إلى الصين، التي قد تنعكس سلبًا على تأمين المعادن من بكين، وتهدّد نشاط أكبر شركة سيارات في العالم وشركات أخرى بارزة.
أمّا الفريق الثاني، فقد توقّع استيعاب إدارة الرئيس الأميركي بقيادة جو بايدن المخاوف اليابانية ومحاولة تجاوزها حتى نهاية العام الجاري 2024.
وقد يتعقد الأمر إذا تطور الموقف الأميركي إلى حدّ فرض قواعد التحكم في الإنتاج الأجنبي المباشر، عبر إجبار الدول على استعمال نسب محددة من التقنيات الأميركية في صناعاتها، وإخضاعها لقواعد إدارة التصدير.
وتتزامن هذه الإجراءات والمفاوضات بين الطرفين مع استعداد اميركا لحسم مقعد الرئاسة في انتخابات يخطط لعقدها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بالإضافة إلى تغييرات في رئاسة الوزراء اليابانية.
تحالف الحرب الباردة
كانت أميركا قد تبنّت رؤية لتصدير الرقائق، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2022، مدعومة بضوابط وإجراءات معلنة، وفي مرحلة لاحقة انضمت لها كل من اليابان وهولندا بقيود أقل حدّة.
وتطوّر الطموح الأميركي إلى استهداف تشكيل تحالف يطبق ضوابطها، بما يشمل إلزام بعض الشركات بالتوقف عن تقديم خدمات الإصلاح والصيانة لمعدّات تصنيع الرقائق وأشباه الموصلات في الصين، في قيود تشبه تلك المفروضة على الشركات الأميركية.
وتتبنّى أميركا حاليًا مبادرة لتوسعة نطاق حصار صناعة الرقائق الصينيه، عبر الضغط على حكومتي اليابان وهولندا لتطبيق إجراءات واشنطن لحماية الصناعة.
وفي سياق موازٍ للإجراءات الأميركية، كان لخريطة البيع والشراء موقف مختلف، إذ تواصل الشركات اليابانية -مثل طوكيو إلكترون- وغيرها زيادة مبيعاتها في السوق الصينية، ما أثار مخاوف جديدة من “تخزين” بكين لهذه التقنيات واستعمالها مستقبلًا إذا تعرضت لأيّ ضغوط.
وتوقّع محللون طرح أميركا إستراتيجية جديدة في وقت قريب، تتضمن إجراءات أكثر صرامة لتقييد نفوذ الصين.
وهدّد أميركيون بإجراءات ضريبية وجمركية ضد الشركات التي تواصل التعاون مع الصين، أو التي تعتزم منافسة الشركات الأميركية على حصتها السوقية.
موضوعات متعلقة..
- تويوتا تبني مصنعًا لبطاريات السيارات الكهربائية في جزيرة السيليكون اليابانية
- الرقائق الإلكترونية تحول الشرق الأوسط إلى ساحة حرب بين أميركا والصين
- أزمة الرقائق الإلكترونية تجبر جنرال موتورز وتويوتا على خفض الإنتاج في أميركا
اقرأ أيضًا..