يتنامى الاهتمام بمشروعات الطاقة النووية في الدول العربية خلال السنوات الأخيرة بوصفها مصدرًا نظيفًا لتوليد الكهرباء التي يتزايد الطلب عليها في المنطقة يومًا تلو الآخر، ولتعزيز أمن الطاقة والتحوط من الصدمات الخارجية المحتملة.
وتتسق المشروعات النوويه المطورة في بعض الدول العربية مع خُطط التحول الأخضر العالمية التي تَجْنَح إلى التحول عن مصادر الوقود الأحفوري الحساس بيئيًا، وفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
كما تواكب مشروعات الطاقة النووية في الدول العربية الرؤى الطموحة التي يتبناها العديد من حكومات المنطقة، ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، لتنويع اقتصاداتها الهيدروكربونية، بما يخدم خططها التنموية الشاملة.
ولعل ما يزيد جاذبية استعمال هذا المصدر النظيف للطاقة هو جدواه الاقتصادية في سد العجز بموارد الكهرباء، وسلامته البيئية والصحية، التي تعزّزت بفضل تقنيات التصميم والتشغيل والتحكم المتطورة؛ ما يحفز المزيد من الدول العربية على دراستها وتطويرها.
حل واعد
تبرز محطات الطاقة النووية في الدول العربية حلًا واعدًا لسد الطلب المتنامي بشدة على الكهرباء، في ظل تحول العديد من حكومات المنطقة إلى الطاقة النظيفة لتحقيق أهدافها المناخية.
وتبلور عدد من مشروعات الطاقة النووية في الدول العربية خلال السنوات الأخيرة؛ حيث خرج بعضها إلى النور، في حين لا يزال البعض الآخر في مراحل الإنشاء المختلفة، أو حتى قيد التخطيط.
وها هي 3 مشروعات نووية عملاقة في الدول العربية، والتي يرى الخبراء أنها قد تفتح الباب أمام اقتحام العديد من بلدان المنطقة تلك الصناعة المولِدة لكميات غير محدودة من الطاقة:
1- محطة براكة
دخل المفاعل الرابع من محطة براكة النووية الإماراتية حيز التشغيل التجاري في 5 سبتمبر/أيلول (2024)، لتعمل المحطة بكامل سعتها للمرة الأولى، وفق ما أوردته مجلة نيوزيك الأميركية.
وتقع المحطة التي بنتها الشركة الكورية للطاقة الكهربائية كيبكو (KEPCO) في أبوظبي، وتُعد أول محطة من نوعها في العالم العربي، وهي ثمرة جهود البلد الخليجي الرامية لتنويع مزيج الكهرباء لديها.
ومن المتوقع أن تُسهِم محطة براكة التي تجسّد بنجاح جهود الطاقة النووية بالدول العربية، في التخلص من 22 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنويًا في الإمارات؛ ما يعادل إزالة قرابة 5 ملايين سيارة من الطرق.
وتلامس السعة الإنتاجية للمفاعلات الـ4 –مجتمعةً- في المحطة 40 تيراواط/ساعة/سنويًا؛ ما يكفي لتغطية 25% من احتياجات الإمارات من الكهرباء.
كما تلبي تلك السعة الضخمة احتياجات 16 مليون سيارة كهربائية، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويُعد التشغيل التجاري للمفاعل الرابع من محطة براكة النووية خُطوةً مهمةً للإمارات التي تُنتِج –حاليًا- 4 ملايين برميل نفط يوميًا في المتوسط؛ ما يجعل البلد الخليجي ثامن أكبر مُنتِج للنفط في العالم.
ويتسق مشروع محطة براكة النووية مع التزام أبوظبي بمكافحة التغيرات المناخية في إطار خُطط أوسع لتنويع اقتصادها المعتمد على الهيدروكربونات.
ولامست التكلفة الاستثمارية لمشروع محطة براكة النووية 22.4 مليار دولار، بتمويلات جزئية من الحكومة.
ويتعين تفكيك المحطة في نهاية عمرها التشغيلي، أي بعد نحو ما يتراوح بين 60 و80 عامًا، وفق تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: “محطة براكة النووية خُطوة مهمة على مسار الحياد الكربوني”، في تغريدة نشرها على منصة إكس.
محطة الضبعة
تُعد محطة الضبعة المصرية من أبرز مشروعات الطاقة النووية في الدول العربية، بل من أضخم مشروعات إنتاج الكهرباء في أفريقيا.
تتألّف المحطة من 4 مفاعلات نووية بسعة إجمالية قوامها 4800 ميغاوات، أي بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتحوي المحطة أحدث مفاعل من الجيل الثالث المتقدم في في إي آر 1200 (VVER 1200) روسي الصنع المستوفي لكل معايير الأمان.
وتتولّى عملاقة الطاقة الروسية روساتوم (Rosatom) مسؤولية بناء محطة الضبعه النووية البالغة تكلفتها 25 مليار دولار، قدمتها موسكو للقاهرة في شكل قرض ميسر في عام 2015.
ومن المخطط أن يدخل المفاعل النووي الأول من المحطة حيز التشغيل في عام 2028، قبل الشروع في تشغيل المفاعلات الأخرى تباعًا حتى عام 2030.
ومن المتوقّع أن تُلبي محطة الضبعة قرابة 10% من إنتاج الكهرباء في مصر، كما يُتوقع أن يُسهم المشروع في تقليص الانبعاثات الكربونية بالبلد العربي الواقع شمال أفريقيا بواقع أكثر من 14 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
محطة الدويهين
تضم قائمة مشروعات الطاقة النووية في الدول العربية محطة الدويهين النووية السعودية، والتي لا تزال قيد التخطيط، وتراهن عليها المملكة في تنويع مزيج الطاقة لديها.
وتخطط السعودية لبناء المحطة بمساعدة الولايات المتحدة، ولا تزال المباحثات جاريةً على قدم وساق بشأن ترجمة هذا التعاون على أرض الواقع.
وفي العام الماضي (2023) أبدت السعودية استعدادها للسماح بتفتيش المنشآت النووية التي تخطط لبنائها في المستقبل، في محاولةٍ لإقناع واشنطن بنقل تقنيات المفاعلات الأميركية إليها.
وكان الموعد النهائي لتقديم المناقصات الخاصة ببناء محطة الدويهين السعودية على ساحل الخليج بين قطر والإمارات في 30 أبريل/نيسان (2024)، علمًا بأنه كان قد أُرجئ موعد إغلاق المناقصة عدة مرات قبل ذلك التاريخ.
ووفق أخبار طالعتها منصة الطاقة المتخصصة، تقدّمت 4 شركات بعطاءات لتنفيذ مشروع الدويهين، ممثلةً في المؤسسة النووية الوطنية الصينية (CNNC)، ومجموعة كهرباء فرنسا إي دي إف (EDF)، وروساتوم، والشركة الكورية للطاقة الكهربائية كيبكو (Kepco)-.
ولم يُكشَفْ حتى الآن عن السعة الإنتاجية للمحطة، غير أن دراسة سابقة قدّرتها بـ2.8 غيغاواط.
موضوعات متعلقة..
- خريطة اليومرانيوم والطاقة النووية العالمية تتغير.. ما دور السعودية والإمارات؟
- هل تنجح مساعي الإمارات للاستثمار في الطاقة النووية الأوروبية؟ (تقرير)
- الإمارات تتعاون مع جنرال أتوميكس لاستكشاف أفضل تقنيات الطاقة النووية
اقرأ أيضًا..