طاقة

مفارقة.. إنتاج الهيدروجين الأزرق يستلزم تطوير البنية التحتية للوقود الأحفوري (تقرير)

يبدو أن إنتاج الهيدروجين الأزرق أصبح محاطًا بالشكوك حول مدى جدواه في خفض الانبعاثات بفاعلية، وفق تقارير اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وغالبًا ما يقترح القطاع الصناعي الهيدروجين الأزرق في أوروبا بوصفه طريقة أرخص للحدّ من الانبعاثات في المدى القريب، إذ يعمل احتجاز الكربون وتخزينه نظريًا على الحدّ من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

ومع ذلك، أشار تحليل جديد أجرته منظمة الصحافة البيئية الاستقصائية “دي سموغ” (DeSmog) إلى أن إنتاج الهيدروجين الأزرق سيظل مصحوبًا بملايين الأطنان من انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون؛ بسبب تسرب غاز الميثان من المنبع، وعدم اكتمال احتجاز الكربون.

كما شدّد التقرير على أن عددًا من شركات النفط والغاز الكبرى يروّج للهيدروجين الأزرق، حتى لا تتخلى عن أصول الغاز الطبيعي، مع تحوّل القارة العجوز بعيدًا عن مصادر الوقود الأحفوري.

إزالة الكربون عبر الوقود الأحفوري!

أجرت منظمة “دي سموغ” تحليلها مع الرئيس المشارك لمجموعة عمل الهيدروجين في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، البروفيسور كريستوف كوتانسو.

وأشارت المنظمة في منهجيتها إلى أن معدّات احتجاز الكربون لمرافق الهيدروجين الرمادي الحالية لن تكون قادرة إلّا على امتصاص 60% بحدّ أقصى من الانبعاثات الناتجة عن إصلاح غاز الميثان بالبخار، ما يعني أن 40% من انبعاثات الموقع ستستمر في الانطلاق إلى الغلاف الجوي.

وفي الوقت نفسه، يُمكن للمرافق المبنية حديثًا أن تحتجز ما يصل إلى 90% من الانبعاثات، ولكنها ستؤدي -أيضًا- إلى استهلاك إضافي للغاز؛ ما قد يتطلب تطوير بنية تحتية جديدة للوقود الأحفوري من أجل “إزالة الكربون”.

وأحصت “دي سموغ” 46 مشروعًا للهيدروجين الأزرق في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والنرويج أُعلِنَت بقدرة إنتاجية إجمالية تبلغ 10 ملايين طن سنويًا، 27 منها ستكون منشآت مبنية حديثًا بدلًا من عمليات التحديث.

ووفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، من المقدَّر أن تستهلك هذه المنشآت المبنية حديثًا 48 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، مقارنةً باستهلاك 499 مليار متر مكعب من الغاز في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والنرويج في عام 2022.

كما أشارت “دي سموغ” إلى أن عددًا من شركات النفط والغاز الكبرى، بما في ذلك بي بي وشل وإكسون موبيل وتوتال إنرجي، يعمل على الترويج المحتمل للهيدروجين الأزرق من أجل تجنُّب الاضطرار إلى التخلّي عن أصول الغاز الطبيعي مع تحول أوروبا بعيدًا عن الوود الأحفوري.

إلّا أن شركة شل تخلّت عن مشروع الهيدروجين الأزرق في النرويج، مشيرة إلى نقص الطلب على الهيدروجين غير المتجدد، في حين لم تتخذ شركة بي بي بعد قرار الاستثمار النهائي بمصنع الهيدروجين في تيسايد بالمملكة المتحدة.

الهيدروجين الأزرق
أحد مرافق الهيدروجين – الصورة من منصة “نورثرن غاز آند باور”

تأثير تسرب الميثان

الميثان هو غاز دفيئة أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون، مع قوة أعلى بمقدار 84 مرة على مدى 20 عامًا، وأعلى بمقدار 28 مرة على مدى 100 عام.

وأصدر الاتحاد الأوروبي مؤخرًا مسودة منهجيته لحساب الانبعاثات من الغازات “منخفضة الكربون”، بما في ذلك الهيدروجين الأزرق، ولكي تكون مؤهلة لتعريفه، يجب أن تؤدي الجزيئات إلى انبعاثات دورة حياة أقل بنسبة 70% من نظيراتها من الوقود الأحفوري.

ومع ذلك، تستشهد “دي سموغ” بانتقادات من جماعات بيئية -مثل منظمة النقل والبيئة ومنظمة بيلونا- التي تحذّر من أن هذه القواعد قد لا تأخذ في الحسبان بشكل كافٍ تسرب غاز الميثان من المنبع، ولن تردع بناء البنية الأساسية الجديدة للغاز الطبيعي، وفق ما نقلته منصة “هيدروجين إنسايت” (Hydrogen Insight).

وعلى هذا النحو، فإن التقدير الأكثر تحفظًا من “دي سموغ” لتأثير تسرب الميثان في المنبع لمشروعات الهيدروجين الأزرق البالغ عددها 46 مشروعًا -بمعدل تسرب 1.5% وإمكانية الاحتباس الحراري العالمي بنسبة 28- يشير إلى 20 مليون طن سنويًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون الإضافي.

وفي الوقت نفسه، إذا قُدِّرَ بمعدل تسرب 3.5% وإمكان الاحتباس الحراري العالمي بنسبة 84، فإن المشروعات الـ46 ستكون مرتبطة بـ117 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

ويُمكن أن تعتمد الانبعاثات من تسرب الميثان في المنبع على مصدر الغاز؛ إذ أشارت “دي سموغ” إلى أنه في حين تفتخر النرويج بمعدلات تسرب أقل من 1%، فإن قدرتها على إنتاج الغاز الطبيعي ملتزمة بالعملاء الحاليين.

ويشير ذلك إلى أن مشروعات الهيدروجين الأزرق في أوروبا قد تنتهي إلى الاعتماد على الواردات من الولايات المتحدة، حيث يمكن أن تصل معدلات التسرب في بعض المناطق -مثل حوض برميان- إلى 9%.

انبعاثات الهيدروجين الأزرق

بين تسرّب الميثان من المنبع وعدم اكتمال احتجاز الكربون، تُقدِّر “دي سموغ” بأن الهيدروجين الأزرق سيأتي بحدّ أدنى 38 مليون طن سنويًا من انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي السنوية في الدنمارك أو سويسرا.

وبحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية، شهدت أوروبا ما يقرب من 261 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من استهلاكها للغاز الطبيعي في عام 2022.

وفي العام نفسه، استهلكت القارة -أيضًا- نحو 8 ملايين طن من الهيدروجين الرمادي بالكامل تقريبًا، وهو ما يرتبط بنحو 96 مليون طن سنويًا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

ومع ذلك، فإن التأثير الدقيق لإزالة الكربون من الهيدروجين الأزرق غير واضح دون تفصيل دقيق للوقود الأحفوري الذي يُستبدل به ولأيّ غرض، كما يزعم كوتانسو.

وقال البروفيسور كريستوف كوتانسو: “في الوقت الحالي، ليس لدينا بيانات كافية.. وللوصول إلى حساب دقيق للانبعاثات المتجنّبة، نحتاج إلى معرة ما إذا كان الهيدروجين سيُستعمل بوصفه مادة خامًا في عملية التصنيع لإنتاج الحرارة، أو استعماله في خلايا الوقود لإنتاج الكهرباء.. إنه ليس المكسب نفسه لإزالة الكربون”.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إقرأ: مفارقة.. إنتاج الهيدروجين الأزرق يستلزم تطوير البنية التحتية للوقود الأحفوري (تقرير) على منصة الطاقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى