طاقة

هل مبيعات السيارات الكهربائية في أزمة حقيقية؟ (تحليل)

تشهد مبيعات السيارات الكهربائية حالة من الاضطراب في عديد من الأسواق الرئيسة منذ بداية العام الجاري (2024)، مع تباطؤها بشدة في بعض الدول، وانخفاضها بحدّة في بلدان أخرى.

ورغم كثرة الأخبار المتداولة حول انخفاض الطلب على المركبات الكهربائية، فإن توقعاتها ما زالت متفائلة بتسجيل مبيعات قياسية جديدة على المستوى السنوي مع نهاية عام 2024.

في هذا السياق، توقّع تحليل حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة، ومقرّها واشنطن- ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية (شاملة الهجينة) بنسبة 20.1% إلى 16.7 مليون وحدة هذا العام (2024)، مقارنة بنحو 13.9 مليون وحدة في عام 2023.

وارتفعت مبيعات المركبات الكهربائية في العالم بنسبة 26% خلال النصف الأول من عام 2024، كما تشير البيانات الأولية إلى أن المبيعات زادت -أيضَا- بنسبة 30% خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

أخطاء مقارنة مبيعات السيارات الكهربائية

رغم أن نمو مبيعات السيارات الكهربائية ما زال أقل من الزيادة البالغة 33% في عام 2023، أو البالغة 60% خلال عام 2022، فإنه ما يزال قويًا، بحسب تحليل شركة أبحاث الطاقة بلومبرغ نيو إنرجي فايننس.

ويستند هذا التحليل إلى رصد بيانات المبيعات المتفاوتة عبر المناطق من حيث معدلات النمو وتسارعها أو تباطُئِها، والبحث وراء الأسباب الحقيقية لتأخُّر الشركات الأوروبية المصنّعة في طرح نماذجها الكهربائية الجديدة بالاتحاد الأوروبي.

فلم تشهد دول مثل اليابان وألمانيا -موطن أكبر شركات صناعة السيارات في العالم- تباطؤًا في نمو مبيعات المركبات الكهربائية فحسب، بل هبوطًا صريحًا في معدلاتها خلال عام 2024.

سيارات تيسلا الكهربائية على الشاحن
نماذج من سيارات تيسلا الكهربائية على الشاحن – الصورة من Tesla

وكان الانخفاض في ألمانيا حادًا خلال أغسطس/آب الماضي، حيث هبطت المبيعات بنسبة 61%، لكن مقارنة هذه النسبة على أساس سنوي لم تكن دقيقة بل مشوّهة، بحسب رئيس أبحاث النقل المتقدم في شركة بلومبرغ كولين مكيراشر.

يشير المحلل إلى أن هذه المقارنة لم تأخذ في حسبانها الزيادة الكبيرة في مبيعات الشهر المقابل (أغسطس/آب 2023)، قبل أن تقرر الحكومة الألمانية خفض الدعم المقدّم لمشتري السيارات الكهربائية في البلاد.

ويعني هذا عدم دقة مقارنة الطلب على أساس سنوي بين شهرَي أغسطس/آب من عامي 2024 و2023، لأن المبيعات في أحدهما كانت مغطاة ببرامج دعم حكومية محفّزة للشراء، بينما حرمت المبيعات من هذا الغطاء في الشهر المقابل.

لعبة شركات السيارات مع الانبعاثات

ما يزال قياس الطلب على المركبات الكهربائية في أوروبا معقّدًا جدًا، لأن العديد من شركات السيارات ما زالت تؤجل إطلاق نماذجها الجديدة ذات الأسعار المعقولة حتى عام 2025، الذي يترقب فيه تشديد أهداف انبعاثات المركبات مرة أخرى في الاتحاد الأوروبي.

ويبدو أغلب شركات صناعة السيارات قد أوفى بالتزاماته المقررة حسب أهداف الانبعاثات لهذا العام (2024)، ما أدى إلى ضعف الحافز لديه لبيع مزيد من المركبات الكهربائية انتظارًا للعام المقبل الذي ستشدد فيه الانبعاثات.

وقد حدث شيء مماثل في عام 2019 قبل تشديد معايير الانبعاثات في الاتحاد عام 2020، حيث شهدت مبيعات السيارات الكهربائية تباطوًا ملحوظًا في العام السابق لسريان القواعد، ثم حدثت زيادة كبيرة في المبيعات خلال العام التالي مباشرة (العام الذي طبّقت فيه القواعد).

ومن المرجّح أن يعيد التاريخ نفسه في أوروبا، مع تأجيل شركات صناعة السيارات طرح النماذج ذات الأسعار المعقولة إلى عام 2025، الذي ستدخل فيه قواعد الانبعاثات الجديدة حيز التنفيذ، بحسب محلل بلومبرغ كولين مكيراشر.

مبيعات السيارات الكهربائية في الصين

بالنظر إلى الشرق، ما تزال مبيعات السيارات الكهربائية في الصين أكبر قوة دافعة للسوق العالمية، إذ تمثّل 6 من كل 10 مركبات مبيعة عالميًا منذ بداية عام 2024 وحتى الآن.

كما ارتفعت حصة مبيعات السيارات الكهربائية من إجمالي مبيعات السيارات المحلية الجديدة في الصين إلى ما يزيد على 50% حتى الآن.

بينما زادت هذه الحصة أكثر من ذلك خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي منفردًا، ما يعني أن السوق الصينية لا تُظهر أيّ علامة على التباطؤ، خلافًا لأوروبا، بحسب تحليل بلومبرغ.

سيارات بي واي دي الصينية في الموانىء انتظارًا للشحن
سيارات بي واي دي الصينية في المواني انتظارًا للشحن – الصورة من CNN

وجاء جزء كبير من نمو المبيعات في الصين مدفوعًا بالمركبات الهجينة القابلة الشحن والمركبات الكهربائية ذات المدى الواسع، بدلًا من المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، التي كانت تقود موجات النمو السابقة.

والمركبات ذات المدى الواسع (Range-Extended EVs) هي مركبات مزوّدة بمحرك احتراق داخلي صغير يمكنه توليد الطاقة اللازمة لتشغيل المحرك الكهربائي، إضافة إلى شحن بطارية السيارة عند وصولها إلى مستوى معين من التفريغ، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية في الصين بنسبة 18% هذا العام حتى الآن، بينما قفزت مبيعات السيارات الهجينة وذات المدى الموسّع بنسبة 37%، ما يفسّر تباطؤ نمو مبيعات المركبات العاملة بالبطارية عند حسابها على مستوى عالمي.

ويرجّح التحليل أن تظل مبيعات المركبات الكهربائية مرتفعة هذا العام، لكنها ستظل تنمو بصورة أبطأ من السيارات الهجينة القابلة للشحن بسبب المبيعات في الصين، ووزنها النسبي المرجّح على المستوى العالمي.

مبيعات السيارات الكهربائية في أميركا

رغم أن مبيعات السيارات الكهربائية في أميركا ما زالت أقل حجمًا من أوروبا والصين، فإنها سجلت رقمًا قياسيًا بلغ 390 ألف سيارة خلال الربع الثالث من عام 2024، مع تفاوت مبيعات كبرى الشركات المصنّعة.

وعوّض تسارع نمو مبيعات شركات جنرال موتورز وهيونداي وهوندا تباطؤ مبيعات شركة تيسلا وانخفاض حصتها إلى أقل من 50% من جميع السيارات الكهربائية المبيعة في الولايات المتحدة.

ورغم ذلك، ما زالت شركة أبحاث بلومبرغ تتوقع نهاية قوية لمبيعات السيارات الكهربائية في أميركا، لتتجاوز حصتها 10% من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة خلال عام 2024 كاملًا.

لهذا السبب تنصح شركة الأبحاث ذات التوجه البيئي بضرورة البحث وراء أرقام المبيعات وتحليلها، وعدم الاكتفاء بقراءة عناوين الأخبار المتداولة، فرغم تباطؤ النمو ظاهريًا، ما زالت الأحجام مرتفعة، ويُتوقع أن تشكّل 20% من مبيعات السيارات العالمية هذا العام.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إقرأ: هل مبيعات السيارات الكهربائية في أزمة حقيقية؟ (تحليل) على منصة الطاقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى