الغاز المسال الأميركي ينتظر طفرة.. هل يصبح ورقة مساومة في يد ترمب؟
تحمل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في طياتها انعكاسات إيجابية على سوق الغاز المسال الأميركي؛ بفضل موقفه المؤيد للقطاع، ووعوده بتسريع تطوير البنية التحتية وتعزيز الصادرات.
وهذه الجهود، التي يحرّكها إلغاء القيود التنظيمية وتسريع الموافقة على التصاريح، قد تعزز الإنتاج المحلي بعد سنوات من الضبابية التي اكتنفت السوق.
ومع ذلك، حذّر تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، من أن وفرة الإمدادات قد تزيد مخاطر تخمة السوق وتدفع الأسعار نحو الانخفاض، رغم أن هذه الإستراتيجية تفتح فرصًا طويلة الأجل لسوق الغاز المسال الأميركي.
كما أشار التقرير إلى أن سياسات ترمب يمكن أن تستفيد من الغاز المسال؛ كونه ورقة مساومة في المفاوضات مع الاقتصادات الكبرى.
خطة ترمب لقطاع الغاز المسال الأميركي
من المتوقع أن تؤثّر خطة ترمب المؤيدة للطاقة بشدة في قطاع الغاز المسال الأميركي، إذ تتضمن العديد من القرارات، من بينها:
- تسريع الموافقة على منح تراخيص لمشروعات جديدة لتصدير الغاز المسال، بعدما قررت وزارة الطاقة الأميركية وقف التصاريح في يناير/كانون الثاني (2024).
- رفع القيود التنظيمية التي تبنّتها إدارة بايدن على مدى السنوات الـ4 الماضية.
- زيادة إصدار عقود إيجار الأراضي الفيدرالية لإنتاج الغاز.
ويمكن لهذه الإجراءات أن تسرّع تطوير البنية التحتية للغاز المسال، وتمكين البلاد من مضاعفة قدرة التصدير من 11.3 مليار قدم مكعبة يوميًا في 2023 إلى 22.4 مليارًا بحلول عام 2030، مع استمرار تطوير مشروعات رئيسة مثل “تكساس للغاز المسال” و”كالكاسيو باس” رغم التحديات البيئية.
وهذا التوسع يضمن ترسيخ مكانة الولايات المتحدة في سوق الغاز المسال العالمية، حيث من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على الغاز المسال إلى قرابة 600 مليون طن بحلول عام 2030، وفق تقرير صادر عن شركة ريستاد إنرجي.
الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- يرصد أكثر 10 دول تطويرًا لقدرة تصدير الغاز المسال في العالم:
مخاوف من النمو السريع لقطاع الغاز المسال الأميركي
رغم إيجابيات النمو السريع لقطاع الغاز المسال الأميركي، فإنه يثير مخاوف إزاء زيادة المعروض بأكثر الطلب، بما يصل إلى 140 مليون طن بحلول عام 2035، بالنظر إلى المشروعات المنتجة والأخرى قيد التطوير.
وأشار تقرير ريستاد إنرجي إلى أن النمو السريع يهدّد بتشبع السوق؛ ما يسفر عن انخفاض الأسعار وتقلُّص أرباح المنتجين وإضعاف قدرتها التنافسية على المدى الطويل، مقارنة بكبار المنافسين، مثل قطر وأستراليا، وسيكون تحقيق التوازن بين نمو الإنتاج المحلي واستقرار السوق العالمية تحديًا رئيسًا.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، فإن نمو إنتاج الغاز المسال الأميركي له تداعيات كبيرة أخرى، وقد يستغلّه ترمب كونه ورقة مساومة في المفاوضات التجارية مع أوروبا وروسيا والصين.
فأوروبا، على وجه الخصوص، تسعى إلى إيجاد بدائل طويلة الأجل وموثوقة للغاز الروسي المنقول عبر الأنابيب، إلى جانب الغاز المسال.
بينما قد تواجه العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة تعقيدات بسبب فرض الرسوم الجمركية، التي قد تؤثّر في تدفقات الغاز المسال بين البلدين.
تأثُر قطاع الغاز المسال الأميركي بالرسوم الجمركية
في الوقت نفسه، أدت التعرفات الجمركية التي فرضها ترمب خلال ولايته الأولى إلى ظهور مخاوف بشأن الارتفاع المحتمل في تكاليف البنية التحتية للغاز المسال واضطراب التجارة العالمية.
على سبيل المثال، أدّى فرض تعرفة جمركية على الصلب بنسبة 25% في عام 2018 إلى زيادة كبيرة في تكاليف مشروعات الغاز المسال، وهو اتجاه قد يتكرر مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض.
علاوة على ذلك، قد تؤدي التوترات التجارية مع الصين إلى عرقلة تدفقات الغاز المسال بين البلدين، كما حدث خلال الحرب التجارية في عام 2019، التي انتهت بوقف صادرات الغاز المسال الأميركي إلى الصين.
الرسم البياني التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- يرصد إمدادات الغاز المسال من أكبر 3 دول مصدرة حتى نهاية الربع الثالث من 2024:
من ناحية أخرى، يُتوقَّع أن تستفيد أوروبا من سياسات ترمب لتعزيز نمو قطاع الغاز المسال الأميركي، من خلال إعطاء الأولوية للواردات الأميركية؛ بهدف توفير إمدادات مستقرة وتعزيز العلاقات عبر الأطلسي.
ومع ذلك، قد يستغل القادة الأوروبيون مشتريات الغاز المسال للضغط في المفاوضات لتجنُّب التعرفات التجارية المحتملة في ظل إدارة ترمب.
اتجاهات قطاع الغاز الطبيعي والمسال من أوباما إلى ترمب
لقد خضع قطاع الغاز والغاز المسال في الولايات المتحدة لتحولات كبيرة منذ بداية إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما حتى الآن.
- إدارة أوباما (2009-2017): شهد إنتاج الغاز الطبيعي زيادة معتدلة بمقدار 7.1 مليار قدم مكعبة يوميًا، وهو ما يمثّل زيادة بنسبة 10%، وكانت صادرات الغاز المسال محدودة عند 0.5 مليار قدم مكعبة يوميًا، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
- إدارة ترمب (2017-2021): قفزت صادرات الغاز المسال إلى 5.8 مليار قدم مكعبة يوميًا، كما زاد إنتاج الغاز بمقدار 19.5 مليار قدم مكعبة يوميًا، بزيادة قدرها 23.9%.
- إدارة بايدن (2021-2025): زيادة إمدادات الغاز الطبيعي بنسبة 9.2%، لتصل إلى 10.5 مليار قدم مكعبة يوميًا، في حين شهدت صادرات الغاز المسال انخفاضًا طفيفًا عند 5.3 مليار قدم مكعبة يوميًا.
- إدارة ترمب الثانية (2025-2029): تشير التوقعات إلى إنتاج الغاز الطبيعي بمقدار 12.1 مليار قدم مكعبة يوميًا (9.7%)، ومن المتوقع أن ترتفع صادرات الغاز المسال إلى 8.3 مليار قدم مكعبة يوميًا.
الخلاصة..
إدارة ترامب الثانية قد تعزز نمو سوق الغاز المسال الأميركية؛ ما يعيد تشكيل سوق الطاقة العالمية، مع تحديات من تقلبات الأسعار وتضرُّر العلاقات التجارية.
موضوعات متعلقة..
- ما موقف ترمب من روسيا وفنزويلا.. ولماذا يحارب الغاز القطري؟ (تقرير)
- فوز ترمب ومشهد الطاقة العالمي.. ما مصير الغاز المسال الأميركي؟ (مقال)
- قطاع النفط والغاز في أميركا يترقب دعمًا سخيًا من دونالد ترمب
اقرأ أيضًا..
- حقل نفط عراقي احتياطياته 9 مليارات برميل يغير حسابات شركة عالمية
- استثمارات النفط والغاز في أفريقيا.. 3 دول عربية تترقب طفرة ضخمة
- محطة شمسية في السعودية تزود دولة أخرى بالكهرباء.. ما قصتها؟
المصادر:
- سياسات ترمب تدعم قطاع الغاز المسال الأميركي من شركة ريستاد إنرجي
- رسم الدول المطورة لقدرات تصدير الغاز المسال من وحدة أبحاث الطاقة
- رسم إمدادات الغاز المسال من أكبر الدول المصدرة من التقرير الفصلي لوحدة أبحاث الطاقة
إقرأ: الغاز المسال الأميركي ينتظر طفرة.. هل يصبح ورقة مساومة في يد ترمب؟ على منصة الطاقة